احدث القوانين

>

أ. هيئة الانتخابات

قرار الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين عدد 04/2017 بتاريخ 8 أوت 2017 المتعلق بمشروع القانون الأساسي عدد 30/2016 المتعلق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلة

إن الهيئة الوقتيّة لمراقبة دستوريّة مشاريع القوانين،

بعد الاطّلاع علـى الدّستور وخاصة الفصول 10 و15 و21 و59 و60 و65 و95 و114 و116و125 و126 و127 و128

و129 و130و146 منه،

وعلى القانون الأساسي عدد 14 لسنة 2014 المؤرخ في 18 أفريل 2014 المتعلق بالهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين،

وعلـى القـرار الجمهوري عـدد 89 لسنة 2014 المؤرّخ في 22 أفريل 2014 المتعلق بتعيين أعضاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستوريّة مشاريع القوانين،

وعلى مشروع القانون الأساسي عدد 30/2016 والمتعلق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستوريّة المستقلّة والمصادق عليه من قبل مجلـس نوّاب الشّعب بتاريخ 5 جويلية 2017.

وعلى عريضة الطعن فـــي دستورية مشروع القانون الأساسي عدد 30/2016 المتعلّق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلّة التي رفعتها مجموعة من النواب بمجلس نوّاب الشعب تمثّلها النائبة سامية حمودة عبّو والمرسّمة بكتابة الهيئة تحت عدد 04/2017 بتاريخ 12 جويلية 2017 وتتضمّن النّوّاب الآتي ذكرهم : سامية حمودة عبوّ ـ غازي الشواشي ـ نعمان العش ـ هيكل بلقاسم ـ شفيق العيادي ـ عمّار عمروسية ـ طارق البراق ـ عبد المؤمن بلعانس ـ أحمد الصديق ـ زهير المغزاوي ـ سالم الأبيض ـ ريم الثايري ـ سعاد البيّولي الشفّي ـ مراد الحمايدي ـ عبد العزيز القطي ـ زياد الأخضر ـ إبراهيم بنسعيد ـ فتحي الشامخي ـ صبري الدخيل ـ فيصل التبيني ـ عدنان الحاجي ـ عماد الدايمي ـ مبروك الحريزي ـ خميس قسيلة ـ أيمن العلوي ـ مباركة عواينية ـ جيلاني الهمامي ـ رضا الدلاعي ـ أحمد الخصخوصي ـ نزار عمامي

وبعد الاطلاع على ما يفيد إعلام رئيس الجمهورية ورئيس مجلس نواب الشعب ورئيس الحكومة بترسيم عريضة الطعن المشار إليها ومؤيداتها بكتابة الهيئة.

وعلى مكتوب رئيس الحكومة الوارد على الهيئة بتاريخ 17 جويلية 2017 والمتضمن ملاحظات الحكومة بخصوص الطعن المرفوع لدى الهيئة من قبل مجموعة من النواب بمجلس نواب الشعب في دستورية مشروع القانون الأساسي المتعلق بالأحكام

المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلة.

وقد تضمنت عريضة الطّعـــن نعيـــا علــى مشروع القانون الأساسي عدد 30/2016 في دستوريّة بعض أحكامه، ما اعتبره الطّاعنون مخالفة لمقتضيات ومقاصد الباب السادس من الدستور حسب ما يرتّبون تفصيل ذلك تاليا:

أولا: في مخالفة الفصل 2 من مشروع القانون لعنوان الباب السادس والفصل 125 من الدستور:

حيث يذهب الطاعنون إلى أن صيغة هذا الفصل والتي تفرض مسؤولية الهيئات الدستورية المستقلّة أمام مجلس نواب الشعب فيه ضرب لاستقلالية هذه الهيئات التي يعتبرها العارضون استقلالية هيكلية ووظيفية تجاه بقية السلط مثلما تؤكده صيغة الفصل 4 من المشروع والفصل 125 من الدستور، ويرون أن هذه الاستقلالية مطلقة ولا يمكن تجزئتها استنادا إلى منطوق الفصل 146 من الدستور.

ويذهب الطاعنون إلى أن إرادة المشرع الدستوري لم تتجه صلب الفصل 95 من الدستور إلى إخضاع مسؤولية الهيئات الدستورية المستقلّة إلى الرقابة التشريعية ما يجعل استقلالية هذه الهيئات من خاصياتها الأساسية، ويتأكّد هذا التّوجه حسب تقديرهم في فلسفة الدستور التي تقوم على تحديد مدة العضوية والتجديد الجزئي لأعضائها. ويتّجه العارضون إلى أن مسؤولية هذه الهيئات المستقلّة أمام المجلس الّتشريعي وما يترّتب عنها من رفع الحصانة والمصادقة على التقرير المالي وسحب الثّقة من أعضائها يجعل من مجلس نواب الشعب سلطة إشراف على هذه الهيئات وهو ما يؤدي إلى إعاقة عملها في ظلّ تضارب المصالح بين مهام أعضائها وأعضاء مجلس نواب الشعب سيما وأن سبب إحداث هذه الهيئات وجوهر عملها هو دعم الديمقراطية من خلال المهام الموكولة إليها.

ثانيا: في مخالفة الفصل 10 من مشروع القانون لعنوان الباب السادس والفصل 125 من الدّستور:

يرى العارضون أنّ تخويل أعضاء المجلس النيابي سلطة رفع الحصانة عن أعضاء الهيئات الدّستورية المستقلّة هو إعطاء الأغلبية البرلمانية سلطة رفع ضمانة من ضمانات استقلالية هذه الهيئات تجاه السّلط، وهو ما من شأنه أن يحوّل هذه الحصانة من ضمانة للاستقلالية إلى أداة للضّغط في ظلّ تداخل الأغلبية البرلمانية والسلطة التنفيذية المنبثقة عنها، حيث تتمتع هذه الأخيرة في شخص وزير العدل باعتباره رئيس النيابة العموميّة بسلطة إثارة التتبّع ما يعني ضرورة تحييد مجلس نوّاب الشعب عن مسألة رفع الحصانة وإسنادها إلى مجلس الهيئة

ثالثا: في مخالفة الفصل 11 من مشروع القانون لعنوان الباب السادس والفصل 125 وما بعده من الدستور:

ينعى الطّاعنون على هذا الفصل من مشروع القانون المطعون فيه مخالفته أحكام الدّستور لأنه يضرب استقلالية الهيئات المكرّسة صلبه طالما أنّ إعفاء عضو من الهيئة من مهامّه هو ممارسة المجلس النيابي لسلطة إشراف على هذه الهيئات، حيث أنّ انتخاب أعضائها من قبل مجلس نوّاب الشّعب وبحكم هذه الصلاحيّة التي منحه إياها الدّستور لا يمكن أن يبرّر إقدام هذا الأخير على أن يمنح لنفسه صلاحيّة جديدة وهي الإعفاء، ويؤسّس الطّاعنون حجّتهم في هذا الخصوص بأنّ ما أقرّته الفقرة الأخيرة من الفصل 125 من الدّستور بشأن تنظيم سبل مساءلة الهيئات الدّستورية لا يعني ولا يبرّر إعطاء المجلس لنفسه مهمّة مساءلة هذه الهيئات.

رابعا: في مخالفة الفصل 24 من مشروع القانون موضوع الطّعن لعنوان الباب السادس والفصل 125 من الدستور:

يؤسّس العارضون طعنهم في دستوريّة هذا الفصل من مشروع القانون على خرق أحكام الفصل 125 من الدّستور ذلك أنّ تخويل المجلس النيابي لنفسه صلاحيّة المصادقة على التقارير المالية للهيئات الدستورية في غياب التنصيص الصّريح على ذلك هو توسيع ضيّق” طالما أنّ الفصل المذكور من الدستور اقتصر على التنصيص على مناقشة هذه التقارير دون سوى ذلك من الصّلاحيّات، حيث أنّ هذا التجاوز المضمّن بالفصل 24 من مشروع القانون يدحضه ما أقرّه الفصل 114 من الدّستور بخصوص مناقشة تقرير المجلس الأعلى للقضاء أمام مجلس نواب الشعب دون المصادقة عليه، وبناء على ذلك وبالقياس مع هذا الفصل من الدستور فإنّه يتوجّب أن تفسّر أحكام هذا النصّ ويؤوّل بعضها البعض كوحدة منسجمة حسب ما اقتضته صيغة الفصل 146 منه.

ويرى العارضون أنّ تدخّل المجلس النيابي في المصادقة على التقارير المالية للهيئات الدستورية المستقلّة يتعارض مع مبدأ استقلاليتها خاصّة وأنّ هذه الهيئات تخضع لرقابة مسبقة لحساباتها من قبل مراقب حسابات مرسّم بجدول الخبراء المحاسبين ولرقابة لاحقة من قبل محكمة المحاسبات وكذلك من قبل مجلس نوّاب الشعب بمناسبة مناقشة ميزانياتها. ويستند العارضون في تعليل ما اتجهوا إليه بخصوص عدم دستورية السّلطة التقريرّية لمجلس نوّاب الشعب على القوائم الماليّة لهذه الهيئات إلى غياب مبرّرات هذا التدخل من السلطة التشريعية سيما وأنّه يمكن لها أن تمارس رقابة أخرى من خلال لجان التحقيق التي يخول لها الدستور تكوينها في أيّ وقت. ويذهب القائمون بالطّعن إلى أنّ الفصل 24 من المشروع المطعون في دستوريته أعطى صلاحيّة مطلقة لمجلس نوّاب الشّعب في تحديد مصير أعضاء الهيئات الدّستورية ممّا يتعارض مع استقلالية هذه الهيئات خاصّة وأنّ لجنة التحقيق التي يكوّنها المجلس للتدقيق في حساباتها لم ينصّ المشروع المطعون فيه على تركيبتها أو آلية إحداثها، كما لم يحدّد هذا المشروع مجال سحب الثّقة من أحد أعضاء الهيئات أو بعض منهم أو من الهيئة بكاملها وكذلك طبيعة التجاوزات الموجبة لذلك.

خامسا: في تعارض الفصل 33 من مشروع القانون المطعون فيه مع مقتضيات الفصول من 125 إلى 130 من الدستور:

اعتبر العارضون أنّ الدستور لم ينص على آلية سحب الثقة من مجلس الهيئة أو من عضو منها أو أكثر من أعضائها بحيث لا يمكن التوسّع في الأحكام المقرّرة في الدستور ومنح صلاحيات تفوق تلك المنصوص عليها صراحة صلبه، ويدعمون حجتهم في هذا الاتجاه بتعمّد المشرع الدستوري تحديد مدة العضوية بهذه الهيئات بستّ سنوات غير قابلة للتجديد ما يجعلها في حلّ من أيّ ارتباط أو تبعية للمجلس النيابي الذي انتخبها وهو ما يضمن استقلاليتها دون أن يخول لهذا المجلس صلاحيّة سحب الثقة منها، ويرى العارضون أنّ تخويل المجلس النيابي لنفسه هذه الآلية المتمثلة في سحب الثقة من هذه الهيئات فيه ضرب لاستقلاليتها وتكريس لتبعيّتها لهذا المجلس وهو ما يؤثّر حتما في عملها. ويضيف الطاعنون في تعليل ما اتّجهوا إليه في هذا السّياق بأنّ الدّستور في تنصيصه على التجديد الجزئي هو ضمان بأن لا ينفرد كلّ مجلس نيابي بانتخاب كامل أعضاء الهيئات الدستورية بما يضمن حيادها عن السّلطة التشريعيّة ويجنّبها التبعيّة لها. وفي نفس المعنى يعتبر القائمون بالطّعن أنّ أعضاء الهيئات الدستوريّة المستقلة من خلال الفصل 33 من المشروع المطعون في دستوريته لا يمكنهم الطعن في قرارات الجلسة العامّة للمجلس النيابي ما يجعل هذا الأخير خصما وحكما في الآن نفسه خاصّة في ظلّ “تضارب مصالح” باعتبار أنّ أعضاء المجلس النيابي يشكّلون في تقديرهم موضوعا لعمل هذه الهيئات، وحينئذ لا يمكن بهذا التوجّه التشريعي صلب هذا المشروع أن يتوفّر لها الحدّ الأدنى من الاستقلالية التي ضمنها الباب السادس من الدستور، ويرى الطّاعنون أنّه وإن كان لا بدّ من رقابة تأديبية لمجلس الهيئة أو لأعضائها فيكون ذلك في عهدة الهيئة نفسها بأغلبيّة معزّزة وبضمانات قضائية لاحقة.

وبناء على ما أورده الطّاعنون في مجمـــل مستندات طعنهم في الفصـــول 2 و10 و11 و24 و33 من مشروع القانون عدد 30/2016 المتعلّق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستوريّة المستقلّة فإنهم يطلبون الحكم بعدم دستوريتها لمخالفتها أحكام الباب السّادس من الدّستور.

وفي ردها على ما جاء بعريضة الطعن أثارت الحكومة – بداية الإخلالات الشكليّة التي شابت الطّعن في هذا المشروع لعدم التقيّد بما أوجبته الفصول 18 و19 و20 و23 من القانون الأساسي عدد 14 لسنة 2014 المؤرّخ في 18 أفريل 2014 المتعلّق بالهيئة الوقتية لمراقبة دستوريّة مشاريع القوانين تقديرا لما تراه لبسا حاصلا في تحديد مناط الدّعوى وكذلك في ترتيب ملفّ الطّعن فيما يخصّ إمضاءات العارضين التي وردت في ورقة مستقلّة ودون أن تكون صفة النوّاب الطّاعنين وإمضاءاتهم مضمّنة صلب عريضة الطّعن، كما أنّ قائمة الإمضاءات المرفقة بملفّ الطعن لم تتضمن ختم هيئة مراقبة دستوريّة مشاريع القوانين. وترى الحكومة أنّ إمضاءات الطّاعنين يجب أن توضع مرّتين على مطلب الطّعن وعلى عريضة الطّعن أمّا أسماء وألقاب رافعي الطعن وصفاتهم فيجب أن ترد في ثلاث مناسبات وهي المطلب والعريضة وإقرار الطّاعنين بمن يمثّلهم.

وتضيف الحكومة في ردّها بخصوص الإخلالات الشّكلية عدم تطابق هوية النّوّاب في مختلف الوثائق المستوجبة للطّعن، وتشير في هذا السياق إلى عدم توفّر العدد المطلوب من النواب لتقديم هذا الطعن لكونه مرفوعا إجمالا من قبل ثمانية وعشرين نائبا، وبناء على هذا التفصيل في ما تراه الحكومة إخلالات شكلية شابت هذا الطعن فإنها تطلب رفضه شكلا لمخالفته أحكام الفصول 18 و19 و20 من القانون الأساسي للهيئة.

ومن جهة الأصل تردّ الحكومة على الطّعون التي أثارها العارضون مثلما هو مفصل تاليا:

1-تعتبر الحكومة أنّ اضطلاع القانون بتبيان أوجه مساءلة الهيئات الدستورية وآلياتها يتنزّل في صميم التطبيق السليم لأحكام الدستور وأنه بالرجوع إلى المطّة قبل الأخيرة من الفقرة الثانية من الفصل 65 من الدستور يكون مفهوم تنظيم الهيئات الدستورية متسعا للتركيبة والتسيير والمساءلة والتنظيم الداخلي وتنظيم العلاقات مع باقي السلط وغيرها من أجهزة الدولة وهو ما يعني أنّ مساءلة هذه الهيئات أمام المجلس النيابي هو خيار تشريعي متلائم مع أحكام الفصل 125 من الدستور ومتقيّد بمقتضيات فقرته الأخيرة.

وتدعم الحكومة هذا الرأي بما جاءت به أحكام الفصل 15 من الدّستور التي لم تستثن أيّا من أجهزة الدولة من العمل وفق قواعد الشفافية والنزاهة والنجاعة والمساءلة، بحيث لا يمكن أن ينشأ أي تعارض بين مفهوم الاستقلالية لهذه الهيئات ومبدأ مساءلتها التي تنصبّ على صحّة أعمالها وسلامة تصرّفها في مواردها مثلما ين ّص على ذلك الفصل 10 من الدستور.

وبخصوص ما اعتبره العارضون من أنّ مساءلة الهيئات الدستورية المستقلّة أمام السّلطة التشريعية تحدّ من استقلاليتها، تردّ الحكومة بأنّ إمكانية مساءلة هذه الهيئات ستكون أمام إحدى السلطتين : التنفيذية أو التشريعية طالما أنّ المساءلة أمام السلطة القضائية أمر مفروض بطبيعته، وانّ اختيار المشرّع مساءلتها أمام السلطة التشريعية يأتي بسبب ما أقرّه الدستور من صلاحيات لهذه الأخيرة في انتخاب هذه الهيئات وتلقّي تقاريرها السنوية ومناقشتها وأنّ المساءلة أمام السلطة التنفيذية لا تستقيم باعتبار أنّ الصلاحيات المسندة لهذه الهيئات الجديدة مقتطعة من صلاحيات هذه السلطة فيكون من غير الوجيه أن تكون هذه الأخيرة جهة مساءلة لهذه الهيئات.

  • الحكومة في هذا التوجّه ما أشار إليه العارضون بخصوص عدم إمكانية المساءلة بمناسبة رفع تقارير هذه الهيئات إلى المجلس النيابي، حيث ترى أنّ مناقشة هذه التقارير أمام الجلسة العامة سينتج عنه حتما المساءلة وهو ما يختلف مع وضع هيئات دستورية أخرى التي ترفع تقاريرها إلى السلط المعنية ثم تنشرها دون أن يخضعها النص الدستوري للمناقشة أمام السلطة التشريعية.

وفي إجابتها على ما جاء بعريضة الطعن بكون الاستقلالية الممنوحة لهذه الهيئات الدستورية الجديدة هي استقلالية مطلقة تردّ الحكومة بأن الدّستور لم يعتبر هذه الهيئات سلطة قائمة بذاتها، وأنه لا يمكن قياس وضعيتها ببقيّة السلط القائمة التي أقرّ الدستور ونظّم أوجه المراقبة والمساءلة فيما بينها.

وفي جانب آخر تدفع الحكومة بأن الهدف من إرساء الهيئات الدّستورية ليس تمتيعها بالاستقلالية بقدر ما هو التزام هذه الأخيرة بالهدف الدستوري من إرسائها وهو دعم الديمقراطية فتكون حينئذ مساءلتها بمناسبة مناقشة تقاريرها السنوية أو خلال تقديم مشاريع ميزانياتها تنبيها لها إذا ما لوحظ حياد هذه الهيئات عن أهدافها أو قصّرت في تلبيتها.

وتذهب الحكومة في هذا السياق إلى أن مدة العضوية بهذه الهيئات والتجديد الجزئي لمجالسها وعدم تزامن انتخابها مع المدة النيابية ليس من المستساغ أن يعتد بها بمعزل عن مهامّها الواجب عليها القيام بها واضطلاعها بدورها الأساسي وهو دعم الدّيمقراطية.

وفي ما اعتبره العارضون من أنّ مساءلة الهيئات الدّستورية المستقلّة من قبل مجلس نوّاب الشعب يحوّله إلى سلطة إشراف عليها، تردّ الحكومة على هذا الرّأي بأنّ سلطة الإشراف تعني ممارسة الرّقابة المسبقة واللاّحقة والتّدخّل المباشر والحلول مكان الهيكل المشرف عليه وإمكانية حّله وهو ما لا يتو ّفر في ما أقرّه المشّرع للهيئات الدّستورية بخصوص أساليب عملها أو تركيبة مجالسها في علاقتها بمجلس نوّاب الشّعب بوصفها مسؤولة أمامه وهو ما لا يستقيم معه تنزيله منزلة سلطة الإشراف عليها. وفي دحضها لمقولة تضارب المصالح التي أثارها العارضون بين الأغلبية النيابية “الحزبية” وهذه الهيئات تردّ الحكومة بأنّ انتخاب أعضاء الهيئات المستقلّة يكون بأغلبية معزّزة من مجلس نوّاب الشعب وأنّ تقاريرها تناقش أمام جلسته العامّة وهو ما ينفي أية إمكانية لاعتبار العلاقة بين الطرفين مدخلا لتضارب المصالح. وبناء على هذه الدفوعات التي ردّت بها الحكومة على ما اعتبره العارضون مخالفة الفصل 2 من المشروع لعنوان الباب السادس من الدستور والفصل 125 منه فإنها تطلب رفض هذا المطعن.

  • وفي إجابتها لما أثاره الطاعنون بخصوص عدم دستورية الفصل 10 من المشروع المطعون فيه لمخالفته عنوان الباب السّادس من الدّستور والفصل 125 منه تدفع الحكومة بأنّ الحصانة الممنوحة لأعضاء هذه الهيئات الدّستورية المستقلّة وإن لم ينصّ عليها الدّستور صراحة أو ضمنا – فإنّها حصانة وظيفيّة تتعلّق بصميم الأعمال المندرجة ضمن مهام هذه الهيئات وأهدافها ولا يمكن أن تتعدّاها إلى ما عدا ذلك ممّا يمكن أن ينسب لأحد أعضائها من أفعال شخصيّة لأنّ هؤلاء الأعضاء هم مواطنون تنطبق عليهم مقتضيات الفصل 21 من الدستور في التساوي مع بقية المواطنين في الحقوق والواجبات وكذلك في التساوي أمام القضاء، وفي نفس المعنى تعارض الحكومة ما ذهب إليه الطّاعنون من أنّ وزير العدل باعتباره عضوا في الأغلبية الحاكمة ورئيسا للنيابة العموميّة لا يمكن أن يكون محايدا، وهي مقولة غير وجيهة لأنّ وزير العدل يضطلع بمها مه الدستورية ومهامّه القانونية بمعزل عن انتمائه الحزبي ونوازعه الشخصية كما أنّ التصويت على رفع الحصانة داخل المجلس التشريعي يكون على أساس الملفّ المطروح أمام هذا المجلس وأنّ إقرار ذلك لا يرّتب أثرا قانونيّا طالما لم يصدر القضاء الجالس بمعزل عن النيابة العموميّة حكما نهائيا وباتّا.

وترفض الحكومة في دفعها لهذا المطعن ما أثاره العارضون بخصوص أحقيّة مجالس هذه الهيئات المستقلّة للنظر في ملفات الحصانة لكون الطّعن في دستورية مشروع قانون يجب أن يكون محصورا في الإشكالات الدستورية التي تشوب أحكام المشروع الماثل ولا يتعدّى ذلك إلى تقديم مقترحات جديدة تختصّ الجلسة العامة لمجلس نوّاب الشعب بالنظر فيها حصرا دون سواها. هذا إضافة إلى أنّ إسناد مجالس الهيئات صلاحيّة النّظر في رفع الحصانة سينتج عنه تعسّف هذه الأخيرة في الاعتصام بالحصانة بدافع الاستقلالية المطلقة وقد يؤدّي إلى شلل هذه الهيئات إذا ما تعلّق الأمر برفع الحصانة عن عدد مرتفع من أعضائها فيكون من الوجاهة إسناد هذه الصّلاحية لجهة أخرى يكون مجلس نوّاب الشعب أجدر بها باعتباره يتولّى معاينة الشغور داخل هذه الهيئات ويقوم بسدّه. وبناء على هذه الدّفوعات وتأسيسا على هذا الرأي تطلب الحكومة رفض هذا المطعن.

  • وفي دفعها لمقولة العارضين بخصوص مخالفة الفقرة الأخيرة من الفصل 11 من المشروع لعنوان الباب السّادس من الدّستور والفصل 125 منه تعتبر الحكومة أن إسناد سلطة اتخاذ قرار الإعفاء لجهة محايدة عن مجلس الهيئة تأكيد على الجدّية والموضوعيّة في صورة إقراره والذي يكون بالثلثين من قبل المجلس النيابي سيما وأنّ طلب الإعفاء يصدر من أغلبيّة الثلثين لمجلس الهيئة ولا يمكن للسّلطة التشريعيّة أن تحرّك مطلب الإعفاء أو تتعهّده من تلقاء نفسها، وفي سياق هذا التوجّه لمقولة العارضين تشير الحكومة إلى ما يبديه هؤلاء من تناقض بين ما يقترحونه من أحقية مجالس الهيئات بملفات رفع الحصانة وبين ما يعيبونه على هذا الفصل من المشروع الذي يسند صلاحية تحريك مطلب الإعفاء إلى أغلبية الثلثين من أعضائها. وفي سياق متصل ترى الحكومة أن من تبعات ما أقرّه الدّستور لمجلس نوّاب الشّعب من صلاحية انتخاب أعضاء الهيئات الدستورية المستقلة هو صلاحية المساءلة والإعفاء فمن له صلاحية الانتخاب له مثلها في الإعفاء وسحب الثقة في إطار جملة من الضمانات والشروط والإجراءات المحددة، وعلى أساس هذا ترى الحكومة عدم وجاهة هذا المطعن وتطلب رفضه.
  • وبخصوص دفعها للمطعن المتعلّق بعدم دستورية الفصل 24 من المشروع لمخالفته عنوان الباب السادس من الدستور والفصل 125 منه تردّ الحكومة بأن المصادقة على التقارير المالية يندرج في صميم مهام المساءلة، كما أن هذه المصادقة يمكن أن ينتج عنها تبعات قد تكون مؤكدة لحسن التصرف ما قد يؤول إلى ضمانة تحول دون سحب الثقة وعكس ذلك قد تكون عدم المصادقة مدخلا لإجراءات أخرى تندرج صلب باقي آليات المساءلة، وتشير الحكومة في هذا السياق إلى أن نشر التقارير المالية بالرائد الرسمي والمواقع الالكترونية للهيئات يعدّ ضمانة لها باعتبار أن المجلس النيابي سيكون مضطرا إمّا للمصادقة في حالة سلامة هذه التقارير أو لرفضها في حالة ثبوت ما يشينها في ظلّ توفّر ضمانات أخرى تخصّ الرّقابة يقرّها المشروع المطعون في دستوريته.

وتبرّر الحكومة هذه الآلية المتعلّقة بالمصادقة على التقارير الماليّة للهيئات المستقلّة كون هذه الأخيرة صنفا قانونيا جديدا أوجده الدّستور يختلف من حيث طبيعته عن سائر أجهزة الدولة وهو ما أفضى إلى إرساء نظام خاصّ عند مراقبة التقارير المالية لهذه الهيئات والمصادقة عليها ما لا يصحّ معه القول بأنّ هذا النظام المالي للهيئات الجديدة فيه تجاوز لأحكام الدستور. وتعارض الحكومة مقولة الطّاعنين بأنّ آليات الرّقابة المالية الأخرى كافية دون اللّجوء إلى آلية المصادقة على التقارير المالية للهيئات المستقلّة بما تراه من أنّ رقابة محكمة المحاسبات أو القضاء العادي على تصرّفها المالي لا يمتدّ إلى الرّقابة على التّصرف السّليم لمواردها في إطار تحقيق مهامّها الدّستورية التي تنهض بها بغاية دعم الديمقراطية. وفي دفعها لما يعتبره الطّاعنون من أنّ مناقشة ميزانية الهيئات الدّستورية يعد كافيا للرّقابة دون اللّجوء إلى آلية المصادقة ترى الحكومة أن مناقشة مختلف الميزانيات أمام مجلس نّواب الشعب يقتصر على الترخيص في أداء النفقات للسّنة المالية الموالية دون الالتفات إلى الرّقابة على أداء السّنة المالية المنصرمة ما يجعل هذا الوجه من المطعن في غير طريقه. وبخصوص ما أثاره العارضون من إشكال سحب الثقة كنتيجة لعدم المصادقة على تقرير مالي لإحدى الهيئات ترى الحكومة أنّ الفصل 33 من المشروع الماثل حدّد الحالات التي تقيّد المجلس النيابي في ممارسة هذه الصلاحيّة بطلب من مجلس الهيئة وكيفما يقترحه العارضون بخصوص رفع الحصانة. وفي دحضها لمقولة العارضين بعدم دستوريّة الفصل 24 من المشروع لخلوّه من تحديد تركيبة لجنة التحقيق المنصوص عليها صلبه ومن تحديد آلية التصويت داخل هذه اللجنة وحرمان المعارضة من إحداث لجنة تحقيق في الغرض، تردّ الحكومة بأنّ لجان التحقيق موضوع الفصل 24 من المشروع تجد أساسها في الفصل 59 من الدستور وليس في الفصل 60 منه ولا علاقة لهذه اللجان بالمعارضة، وتبرّر الحكومة عدم التنصيص على تركيبة هذه اللجان والتصويت داخلها بعدم أهليتها لاقتراح ذلك لكونه من صميم صلاحيات السلطة التشريعية في إطار ما تقرّه ضمن نظامها الدّاخلي. وعلى أساس ما تراه من غياب الوجاهة في هذا المطعن الرّابع المتعلّق بعدم دستوريّة الفصل 24 من المشروع تطلب الحكومة القضاء برفض.

  • وفي ردّها للمطعن الخامس للعارضين المتعلّق بعدم دستوريّة الفصل 33 من المشروع لمخالفته عنوان الباب السّادس من الدّستور والفصل 125 منه تذهب الحكومة إلى أنّ المقارنة بين آليات منح الثقة للحكومة والهيئات الدّستورية المستقلّة وسحبها من كلاهما لا يستقيم لكون أحكام الدّستور صيغت بوضوح في مسألة ضبط الرقابة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وتحديد التوازن بينهما بكلّ دّقة لأن من صميم أحكام الدستور هو ضبط العلاقة بين السلط الثلاث، وقد ارتأى المشّرع الدّستوري خلاف ذلك في تحديده لآلية منح الثقة للهيئات الدستورية الجديدة وتغييبه لآلية سحب الثقة منها. وتدفع الحكومة بأنّ أحكام الفصل 33 من المشروع وبقطع النظر عن المدة المستوجبة لعضوية هذه الهيئات، فإن هذه الأخيرة ستكون بمعزل عن آلية سحب الثقة متى أدت واجباتها الدستورية ومتى أحسنت التصرّف في مواردها طبقا للأهداف التي أحدثت من أجلها. أما بخصوص ما أثاره العارضون في تحديدهم لمفهوم الاستقلالية بالمدة المستوجبة لعضوية هذه الهيئات وبالتجديد الجزئي لها تردّ الحكومة بخلاف ذلك لأنّ بعض الهيئات لا يشملها التجديد الجزئي فلا مبرّر حينئذ لتمسّك الطّاعنين بقراءتهم لمفهوم الاستقلالية من هذا الوجه، وتذهب في دعم هذه الحجّة بأنّ المساءلة هي وجه من وجوه الاستقلالية لأنها ستفرز من ينهض بواجباته الدستورية دون تقصير ممّن يكون خلاف ذلك ويعتصم بعدم المساءلة طوال مدة العضوية. وفي هذا السياق ترى الحكومة أن المشروع الماثل لم يحصّن أعمال الهيئات الدستورية فيما يتعلق بطلب سحب الثقة من الرقابة القضائية عموما ومن دعوى تجاوز السلطة خصوصا التي يتولاها القضاء الإداري طبقا للفصل 116 من الدستور، وهو ما يعني إخضاع أعمال كل الهيئات الدستورية المستقلة ضرورة لرقابة القضاء الإداري. وبناء على هذه الدفوعات التي واجهت بها الحكومة المطعن الخامس من العريضة فإنّها تطلب القضاء برفضه كسائر بقية المطاعن الأخرى والإقرار بدستورية الفصول المطعون فيها.

الهيئــــــــة

من حيث الشكل:

وحيث أنّ الطّعن الماثل تمّ رفعه لدى الهيئة في الآجال القانونية وممّن لهم صفة مثلما يوضّحه طالع قائمة إمضاءات النّواب المرفقة بعريضة الطّعن وبالعدد المستوجب قانونا،

وحيث تختصّ الهيئة بتحديد مناط الدّعوى وتستنتجه أساسا من محتوى عريضة الطّعن ولا تقتصر في نظرها على العناوين التي يسوغها العارضون في الوثائق المقدّمة ضمن ملف الطّعن لأنّ العبرة بما تتضمّنه العريضة من مآخذ واضحة على مشروع القانون المطعون في دستوريته أو في دستورية بعض أحكامه متى كانت محرّرة بشكل سليم مبنى ومعنى،

وحيث أنّ خلوّ قائمة الطّاعنين من ختم الهيئة لا يشكّل خللا في الطّعن مادام وضع الختم يعود إلى كتابة الهيئة لا للطّاعنين ومادامت تلك القائمة مرفقة ببقية الوثائق المقدّمة للهيئة في نفس التاريخ حسب ما يثبته الوصل المسلّم للعارضين،

وحيث دأبت الهيئة على قبول الطّعون المرفوعة لديها من قبل نوّاب بمجلس نوّاب الشّعب متى كانت مستوفية لشروطها الشّكلية التي أوجبتها الفصول 18 و19 و20 من القانون الأساسي للهيئة دون الالتفات إلى هوية العارضين وصفاتهم إن كانت مدوّنة صلب عريضة الطّعن أو مرفقة بها في قائمة مستقلّة أو أكثر مثلما قضت به الهيئة في قرارها عدد 02/2015 المؤرّخ في 8 جوان 2015

وحيث أنّ ما أثارته الحكومة في دفعها من هذا الجانب في غير طريقه ومتعّين الردّ،

وحيث أضحى والحالة ما ذكر الطّعن في مشروع القانون المذكور محرزا جميع مقوّماته الشّكليّة ممّا يجعله متّجه القبول من هذه النّاحية،

من حيث الأصل:

عن المطعن المتعلق بخرق الفصل 2 من مشروع القانون لعنوان الباب السادس من الدستور والفصل 125 منه: حيث يعيب الطّاعنون على الفصول 2 و10 و11 و24 و33 من مشروع القانون خرقها لعنوان الباب السادس من الدستور والفصول 125 إلى 130 منه بدعوى تعارضها مع مبدأ الاستقلالية الذي أقره الدستور لفائدة الهيئات الدستورية المستقلة في حين ترى الحكومة عكس ذلك،

وحيث أنّ مبدأ الاستقلالية الذي تقوم عليه الهيئات الدستورية لا يتعارض مع مبدأ المساءلة ولا يحول دون الإقرار بمبدأ المحاسبة في صورة سوء تصرف إداري أو مالي تفعيلا لجملة المبادئ الدستورية المتصلة بالحوكمة الرشيدة والشفافية والنزاهة وحسن التصرف في المال العام وغيرها، هذا فضلا عن أنّ مبدأ مساءلة الهيئات الدستورية أمام البرلمان يعتبر تجسيدا لأحكام الفصل 125 من الدستور في فقرته الأخيرة،

وحيث أن ضبط آليات مساءلة الهيئات الدستورية المستقلة من قبل مجلس نواب الشعب لا يمكن أن يفضي إلى إفراغ مبدأ استقلاليتها من محتواه باعتباره أساس تميزها عن غيرها من الهيئات العامة وهو ما يفرض على المشرع العمل على تحقيق التناسب بين مبدأ الاستقلالية ومبدأ المساءلة الذين افتضاهما الدستور،

وحيث وخلافا لما أثاره الطاعنون فإن الاستقلالية لا تتنافى مع المحاسبة كيفما نص عليها الفصل 125 من الدستور، وبهذا المعنى فإن المساءلة لا تعتبر رقابة إشراف يمارسها مجلس نواب الشعب على الهيئات الدستورية المحدثة بما ينال من استقلاليتها وهو ما يتجه معه رد المطاعن المثارة من هذه الناحية.

عن المطعن المتعلق بعدم دستورية الفصل 10 من مشروع القانون
:

وحيث خلافا لما يذهب إليه الطاعنون فإن التنصيص على أنّ حصانة عضو الهيئة لا يمكن رفعها إلا من قبل مجلس نواب الشعب هو في حدّ ذاته ضمانة لهذا العضو كما أن القول بأن اختصاص وزير العدل بإثارة التتبع الجزائي لا علاقة له بمسألة الحصانة التي لا تملك جهة أخرى غير القضاء حقّ المطالبة برفعها الأمر الذي يتّجه معه ردّ ما وقعت إثارته في هذا الجانب.

عن المطاعن المتعلقة بعدم دستورية الفصل 11 و24 من المشروع بخصوص إعفاء الأعضاء والمصادقة على البيانات المالية:

حيث أن مسؤولية الهيئات الدستورية المستقلة أمام مجلس نواب الشعب هي نتيجة ما يختص به هذا المجلس بتعيين أعضائها، وعليه فإنّه لا وجود لشبهة عدم دستورّية في إسناد صلاحية إعفاء أحد أعضاء تلك الهيئات المنصوص عليها بالفصل 11 من مشروع القانون المطعون فيه في فقرته الأخيرة طالما أنّ الإعفاء يتمّ بداية بطلب معلّل ومحاط بضمانات كافية وهي أغلبية الثلثين في طلب الإعفاء وفي اتخاذ القرار من ناحية والفصل بين الجهة المقدّمة للطّلب وهي مجلس الهيئة والجهة المتّخذة للقرار وهي مجلس نوّاب الشّعب من ناحية أخرى، على أن يحتفظ المعني بالأمر في كلّ الحالات بحقه في الطّعن.

كما أنّ إسناد مجلس نواب الشّعب سلطة المصادقة على التقارير المالية للهيئات المنصوص عليها بالفصل 24 في فقراته الأربع الأولى لا يتعارض ومبدأ استقلالية هذه الهيئات طالما أنّ هذه المصادقة تنحصر في التثبت في سلامة بياناتها المالية من حيث قانونيتها ومصداقيتها دون الخوض في جدوى ارتباطها بصميم المهام الدستورية التي أحدثت من أجلها.

عن المطاعن المتعلقة بعدم دستورية الفصل 33 من المشروع بخصوص آلية سحب الثقة:

حيث خلافا لما دفعت به الحكومة فإنّ سحب الثقة التي اقتضاها الفصل 33 من المشروع يتنافى ومبدأ استقلالية الهيئات الدستورية طالما أنه لا يحقق التناسب المطلوب بين مبدأي المساءلة والاستقلالية كما يتنافى ومقتضيات مساءلة هذه الهيئات المنصوص عليها بالدستور مما يتجه معه التصريح بعدم دستورية الفصل 33 من المشروع وما تبعه من تنصيص عليه بالفصلين 11 و24 من نفس المشروع.

ولهذه الأسباب،

وبعد المداولة،

قرّرت الهيئة الوقتيّة لمراقبة دستوريّة مشاريع القوانين قبول الطّعن شكلا وفي الأصل بعدم دستوريّة الفصل 33 وما تبعه من تنصيص عليه بالفصلين 11 و24 من مشروع القانون الأساسي عدد 30 -2016 المتعلّق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلة ورفض الطّعن في ما عداه.

وصدر هذا القرار في الجلسة المنعقدة بمقر الهيئـــة بباردو يوم الثلاثاء 8 أوت 2017 برئاسة السّيد الهادي القديري رئيس الهيئة وعضوية السادة عبد السلام المهدي قريصيعة النائب الأوّل للرّئيس والسيد نجيب القطاري النائب الثاني للرّئيس والسّيد سامي الجربي عضو الهيئة والسيدة ليلى الشيخاوي عضوة الهيئة والسيد لطفي طرشونة عضو الهيئة.

حرر في تاريخه

صنف النص:قرار
عدد النص:04
تاريخ النص:2017-08-08
الوزارة / الهيكل:الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين
حالة النص:ساري المفعول
عدد الرائد الرسمي:65
تاريخ الرائد الرسمي:2017-08-15

لا يوجد نصوص مرتبطة بهذا النص

إعلان هام! إطلاق تصميم جديد لقواعد البيانات القانونية لدى DCAF.

يسرنا أن نُعلن عن إطلاق تصميمنا الجديد لقواعد بياناتنا القانونية كجزء من التزامنا بخدمة مستخدمينا الكرام. يأتي هذا التحديث بتحسينات متعددة، تتضمن واجهة سلسة وسهلة الاستخدام وتحسينات في الوظائف لجعل الوصول إلى المعلومات أمراً سهلاً.

نحن مسرورون لنقدم هذا التحسين الجديد، ونؤكد التزامنا بتقديم أفضل خدمة لكم. نعبر عن شكرنا العميق لثقتكم المستمرة بنا.