احدث القوانين

>

د. المحكمة الدستورية : الاختصاصات والإجراءات

قرار من الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريـع القوانين عدد 1 لسنة 2021 مؤرخ في 2 جوان 2021 يتعلق بتنقيح القانون الأساسي عدد 50 لسنة 2015 المؤرخ في 3 ديسمبر 2015 المتعلق بالمحكمة الدستورية

باسم الشعب،

إن الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريـع القوانين،

بعد الاطلاع على الدستور وخاصة الفصول 21، 46، 50، 64، 81، 118، 120 و148 منه،

وعلى القانون الأساسي عدد 14 لسنة 2014 المؤرخ في 18 أفريل 2014 المتعلّق بالهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين،

وعلى القانـون الأساسي عـــدد 50 لسنة 2015 المؤرخ في 3 ديسمبر 2015 والمتعلّق بالمحكمة الدّستورية،

وعلى النظام الداخلي لمجلس نوّاب الشعب،

وعلى قرار الجلسة العامّة لمجلس نوّاب الشّعب المؤرخ في 15 أفريل 2021 المتعلّق بإقرار تدابير لضمان استمراريّة عمل مجلس نوّاب الشّعب،

وعلى القرار الجمهوري عدد 89 لسنة 2014 المؤرخ في 22 أفريل 2014 المتعلق بتعيين أعضاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين،

وعلى مشروع القانون الأساسي المتعلق بتنقيح القانون الأساسي عدد 50 لسنة 2015 المؤرخ في 3 ديسمبر 2015 المتعلق بالمحكمة الدستورية،

وعلى عريضة الطعن في دستورية مشروع القانون الأساسي المتعلّق بتنقيح القانون الأساسي عدد 50 لسنة 2015 المؤرخ في 3 ديسمبر 2015 المتعلق بالمحكمة الدستورية التي قدّمتها مجموعة من النوّاب بمجلس نوّاب الشّعب يمثّلهم النّائب هيكل مكّي والنّائبة ليلى الحدّاد والنّائب هشام عجبوني والمرسّمة بكتابة الهيئة تحت عدد 01/2021 بتاريخ 8 ماي 2021 وتتضمّن النّواب الآتي ذكرهم: زهير المغزاوي، هيكل مكّي، سامية حمودة عبو، علي بن عون، ليلى الحداد، سالم لبيض، عبد الرزاق عويدات، حاتم البوبكري، محسن العرفاوي، رضا الدلاعي، لطفي العيادي، بدر الدين القمودي، عبد السلام بن عمارة، حسام موسى، خالد الكريشي، كمال فرج الحبيب، هشام العجبوني، فيصل التبيني، منيرة العياري، أية اللّه الهيشري، شكري الذويبي، منجي الرحوي، مروان فلفال، عدنان الحاجي، حاتم المليكي، خالد قسومة، مريم اللغماني، سالم قطاطة، محمد عمار، زياد غناي، نزار مخلوفي، أمل السعيدي، أنور بن الشاهد.

وبعد الاطلاع على ما يفيد إعلام رئيس الجمهورية ورئيس مجلس نوّاب الشّعب ورئيس الحكومة بترسيم عريضة الطّعن المشار إليها ومؤيداتها بكتابة الهيئة،

وعلى مكتوب رئيس الحكومة الوارد على الهيئة بتاريخ 20 ماي 2021 والمتضمّن ملاحظات الحكومة بخصوص الطّعن المرفوع لدى الهيئة من قبل مجموعة من النّواب بمجلس نوّاب الشّعب في دستوريّة مشروع القانون الأساسي المتعلّق بتنقيح وإتمام القانون الأساسي عدد 50 لسنة 2015 المؤرخ في 3 ديسمبر 2015 المتعلّق بالمحكمة الدّستورية،

وعلى مكتوب مجموعة من النوّاب بمجلس نوّاب الشّعب الوارد على الهيئة بتاريــــخ 20 ماي 2021 والمتضمّـــن ردّا على الطّعن المرفـــوع لـــدى الهيئة في دستــوريّة مشروع القانون الأساسي المتعلّق بتنقيح وإتمام القانون الأساسي عدد 50 لسنة 2015 المؤرخ في 3 ديسمبر 2015 المتعلّق بالمحكمة الدستورية مُمضى من قبل النوّاب الآتي ذكرهم: مريم بن بلقاسم، عماد الخميري، فؤاد ثامر، ناجي الجمــل، التومي الحمرونــي، يمينة الـزغلامي، عبد المجيد عمار، محبوبة بنضيف اللّه، نسيبة بن علي، آمنة بن حميد، جميلة الجويني، فتحي بن بلقاسم، نعيمة منصوري، سفيان طوبال، منير البلطي، عبد الحميد مرزوقي، شادية الحفصوني، الحبيب بن سيدهم، جميلة دبش كسيكسي، ماهر المذيوب، الصحبي عتيق، عبد اللطيف علولو، أسامة الخليفي، آمال الورتتاني، رضا الجوّادي، فارس بلال، أحمد بن عيّاد، يسري الدّالي، أحمد موحى، جوهر المغيربي، حسّان بالحاج ابراهيم.

وقد أثار العارضــون الملحوظات الآتي بيانهــا فــي تعليلـــهم للطّعن المقدّم في دستوريّة المشروع الماثل:

أولا : من حيث اختصاص الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين:

يرى العارضون في هذا الجانب أنّ أحكام الفصل 50 من الدّستور وكذلك أحكام القانون عدد 50 لسنة 2015 المتعلّق بالمحكمة الدّستورية لا تنطبق حاليّا في ما يتعلّق بتنظيم الطّعون في دستورية مشاريع القوانين والتي ما زالت تخضع إلى أحكام الفقرة السّابعة من الفصل 148 من الدّستور والفصل 18 من القانون الأساسي للهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين، وبناء على ذلك يتأكّد في نظرهم توجّه المشرّع نحو عدم التفرقة بين القراءة الأولى والقراءة الثانية لمشاريع القوانين وهو ما يعني تدعيم حقّ ممارسة الطّعن في دستورية مشاريع القوانين المصادق عليها أين كانت مرحلة المصادقة، وبالتالي فإنّ القوانين التي لم تُختم من رئيس الجمهورية يمكن الطّعــن فيها دون تقيّد وفق أحكام الفصــل 24 من القانون الأساسي للهيئة اعتبارا لكون الطّعن في دستورية مشاريع القوانين هو حقّ دستوري مطلق لضمان دولة القانون والمؤسّسات ولا يمكن تقييده.

ثانيا : من حيث خرق المشروع الماثل لمقتضيات الفصلين 64 و81 من الدّستور

يذهب العارضون إلى أنّ المشروع الماثل لم تتمّ إحالته إلى اللّجنة البرلمانية المختصّة وهي لجنة التّشريع العام بعد ردّه من قبل رئيس الجهوريّة وذلك قبل عرضه على الجلسة العامّة طبقا لنصّ الفصل 64 من الدّستور فيكون بذلك مَعيبًا بالخرق الفادح للإجراءات الدّستورية الجوهريّة في المصادقة على مشاريع القوانين الأساسية.

ثالثا : من حيث خروقات البرمجة والتّسيير التي شابت أعمال جلسة المصادقة:

يشير العارضون في هذا الجانب إلى الخروقات التّالية التي شابت أعمال الجلسة المخصّصة للمصادقة على المشروع الماثل في قراءة ثانية بعد ردّه من قبل رئيس الجمهورية :

  • ويتمثّل الخــرق الأوّل فــي برمجــة جلســة عامّــة ليــوم 4 مــاي 2021 للمصادقـــة على مشروع القانون الماثل في قراءة ثانية بعد ردّه من قبل رئيس الجمهورية وهو ما يخرق قرار المجلس المؤرخ في 15 أفريل 2021 والمتعلّق بالتّدابير الاستثنائية اعتبارا أنّ هذه الجلسات لا تبرمج إلاّ بعد موافقة خليّة الأزمة بثلثي أعضائها، هذا إضافة إلى أنّ المشروع الماثل لا يوجد ضمن صنف مشاريع القوانين التي يمكن أن تُعرض خلال فترة التدابير الاستثنائية دون موافقة خليّة الأزمة طبقا للقرار المذكور. ويُذَكِّرُ العارضون أنّ خليّة الأزمة رفضت عرض المشروع الماثل على الجلسة العامّة في قراءته الأولى باعتماد الاجراءات الاستثنائية.
  • أمّا الخرق الثاني فيتمثّل في تقدير العارضين في قيام رئيسة الجلسة المخصّصة للتّصويـــت على المشـــروع الماثل في قراءة ثــانية بعرض هـــذا المشـــروع على التّصـــويت صبـــرة واحــدة (كتلة واحدة) دون التقيّد بالإجـــراءات المتبعة في التّصويت على مشاريع القوانين والتي تبدأ بالتصويت على العنوان ثمّ الفصول منفصلة عن بعضها انتهاء بالتصويت على المشروع برمّته مع مراعاة التعديلات المقترحة على الفصول والتي تمرّر أيضا إلى التّصويت، وبذلك فقد تمّ حرمان النوّاب من تقدير التّصويت على فصل دون فصل آخر.
  • كما يثير العارضون في هذا الجانب من الطّعن خرقا ثالثا يتمثّل في إقرار رئيسة الجلسة تخصيص ساعة كاملة للتّصويت عن بعد على العنوان والمشروع برمّته في حين أنّ الزّمن الممنوح للنوّاب في عمليّة التّصويت عن بعد يحدّد بعد التداول في مكتب المجلس وهو ما لم يحصل خلال انعقـــاد جلســة 22 أفريل 2021 لهذا المكتب.

ويستند العارضون في تأكيد جدّية هذا المطعـن إلى أنّ التّصويت عن بعــد في كلّ الجلسات العامّة لم يتجاوز العشرين دقيقة، ويشيرون في ناحيــة أخــرى إلى قيام رئيسة الجلسة بتحديد خمسة عشرة دقيقة للمرور من النّقاش العام إلى التّصويت وهو ما يرونه تلاعبا بزمن التّصويت وخرق جسيم للإجراءات.

رابعا: في مخالفة أحكام الفصل 118 من الدّستور:

يشير العارضون في هذا الجانب من الطّعن إلى أنّ الهدف الخفيّ في علاقته بإرساء المحكمة الدّستوريّـــة لا يُختزل في التّسريـــع بإرسائهــا بل يتعدّى ذلك إلى هدف أسمى يتعلّق باختيار الأفضل لعضويّة هذه المحكمة ممّن يحوز على شبه إجماع في توفّر شروط الكفاءة والاستقلالية والحياد والنّزاهة المنصوص عليها بالقانـــون الأساســي عــدد 50/2015، وتبعــا لذلك يــرى هـــؤلاء أنّ التّخلّي عن أغلبية الثلثين سيؤدّي من ناحية إلى التّراجع عن معيار الكفاءة ويفرز تفاوتا في كفــاءة أعضاء المحكمة واستقلاليّــتهم وحيادهم ونزاهــتهم الأمر الذي سيـــؤثـــر في مصداقيتها، ومن ناحية أخرى فإنّ التخلّي عن هذه الأغلبية سيطرح إشكاليّات تتّصل بتسيير المحكمة في حال ترؤسّها من قبل أحد الأعضاء الذين لم يحرزوا أغلبية الثّلثين ويعني ذلك في تقدير العارضين أنّ من يتمّ انتخابه بأغلبيّة الثّلاثة أخماس هو بالضّرورة أقلّ كفاءة وحياد واستقلاليّــة ونزاهــة. ويعتبرون إضافة إلى ما تقدّم أنّ أهميّة المحكمة الدّستورية كـدعــامـــة لدولة القــانون والمؤسّسات لا يُعقل أن يتمّ اختيار أعضائها بأغلبية تقلّ عن الأغلبية المشترطة لانتخاب أعضاء مختلف الهيئات الدّستورية، ويستشهــدون في ذلك بالتّجارب المقارنــة على غـــرار المحاكـــم الدّستوريــة بكلّ من ألمانيا وبلجيكا وإيطاليا والبــرتغال. أمّا بخصوص التعطّل الحاصل في إرساء المحكمة الدّستوريّة إلى غاية الآن فيرجعُ العارضون ذلك إلى سببين يتعلّق الأوّل باقتراح مرشّحين لا تتوفّر فيهم موضوعيّا الشّروط المطلوبة لعضويّة المحكمة بسبب غايات ضيّقة تؤدّي ضرورة إلى عدم حصول التّوافق داخل المجلس وتبعا لذلك فإنّ الإشكال يظلّ سياسيّا وليس قانونيّا، أمّا السّبب الثاني فيتعلّق بالنظام الانتخابي الذي يفرز مشهدا سياسيّا متنوّعا يمنع من انتخاب أعضاء المحكمة وهو ما يؤكّد نظريّة القول بأنّ المشكل يظلّ سياسيّا وليس قانونيا وعليه لا بدّ من تنقيح قوانين أخرى وأساسا القانون الانتخابي.

خامسا : في مخالفة الفصل 46 من الدّستور:

يعيب العارضون على المشروع الماثل في هذا المطعن عدم احترام قاعدة تكافئ الفـــرص بيـــن المرأة والــــرّجل مثلما ينصّ على ذلك الفصل 46 من الدّستور ووجوب تحقيق التناصف بينهما في عضويّة المحكمة الدستورية.

سادسا : في خرق أحكام الفصل 21 من الدّستور بعدم تحقيق المســاواة في اختيار أعضاء المحكمة الدّستورية:

يذهب العارضون إلى أنّ تغيير الأغلبية في انتخاب أعضاء المحكمة والنّزول بها من الثلثين إلى الثلاثة أخماس من شأنه أن يمسّ بمبدأ المساواة وذلك بإخضاع بعض المترشحين إلى مقاييس أقلّ صرامة من مترشحين آخريـن وهو ما يؤول إلى التنازل ضمنيّا عن الشروط الضروريــة لعضويّــــة المحكمة والمتعلّقة بالكفــاءة والاستقلالية والحياد والنّزاهة.

سابعا : في خرق إجراءات التنصيص على عدد مشروع القانون الماثل:

يشير العارضون في هذا الجانب من الطّعن إلى ما يعتبرونه إخلالا شكليّا جوهريّا بعدم التّنصيص على عدد مشروع القانون الأساسي موضوع الطّعن.

وبناء على كلّ ما أثاره العارضون في ما تقدّم من وجوه الطّعن فإنّهم يطلبون التّصريح بعدم دستوريّة مشروع القانون الأساسي المتعلّق بتنقيح وإتمام القانون الأساسي عدد 50 لسنة 2015 المتعلّق بالمحكمة الدستورية.

وفي ردّها على جملة المطاعن السّابق تفصيلها تقدّمت الحكومة بالملاحظات التالية:

  1. من حيث الشّكل :

تعتبر الحكومة أنّ الطّعن المقدّم في دستوريّة مشروع القانون الأساسي المنقّح والمتمّم للقانون الأساسي عدد 50 لسنة 2015 المتعلّق بالمحكمة الدّستوريّة غير حريّ بالقبول شكلا وذلك استنادا الى الفصل 81 من الدّستور الذي:

يمنعُ الطّعــن بعــدم الدّستوريّــة إذا تمّت: “مصادقــة المجلس ثانية دون تعديــل على مشروع قانون تبعا لردّه” ويحصره في :

الحالتين التاليتين دون سواهما وتتعلّقان بـ :

أوّلا : مشاريع القوانين التي وقعت المصادقة عليها (في مداولة أولى).

ثانيا : مشاريع القوانين التي انقضى أجل الطّعن فيها بعدم الدّستوريّة ووقع ردّها من قبل رئيس الجمهوريّة وتمّت المصادقة عليها من قبل المجلس بعد المداولة ثانية في صيغة معدّلة.

واعتبارا لكون المشروع الماثل تمّت المصادقة عليه بالأغلبيّة المشترطة طبق أحكام الفقرة الأخيرة من الفصل 81 من الدّستور بعد ردّه من قبل رئيس الجمهورية دون تعديل فلا وجه حينئذ للطّعن فيه بعدم الدّستوريّة طالما لم تقع ممارسة هذا الطّعن في الآجال القانونية بعد المصادقة الأولى بتاريخ 24 مارس 2021.

  1. إحتياطيّا من حيث الأصل :
  1. تدفع الحكومة المطعن الأوّل في عريضة الطّعن والمتعلّق بخرق مقتضيات الفصلين 64 و 81 من الدستور بالقول إنّ المشروع الماثل – وعكس ما يذهب إليه العارضون – قد تخطّى مرحلة التعهّد الأولى التي تقتضيها إجراءات الدّراسة والفحص على مستوى اللّجنة البرلمانية حسب دلالة الفصل 64 المشار إليه، إضافة إلى أنّ الفقرة الأخيرة من الفصل 81 لم توجب إعادة عرض مشاريع القوانين الأساسية التي مورس بشأنها حقّ الرّدّ على اللّجنة المختصّة قبل التداول فيها ثانية من قبل الجلسة العامّة لمجلس نوّاب الشّعب، فالغاية من إحالة مشاريع القوانين على اللّجان المختصّة حَسَبَ ما تدفع به الحكومة هي دراسة هذه المشاريع وإعداد التقارير بشأنها فلا موجب إذن لإحالتها من جديد على هذه اللجان طالما قد استوفت الإجراءات المنصوص عليها بالفصل 64 المذكور.
  2. أماّ بخصوص المطعن الثاني المؤسّس على الخروقات التي شابت أعمال الجلسة العامّة من ناحية البرمجة والتسيير فتدفع الحكومة من ناحية مبدئية بأنّه خلافا لما ذهب إليه العارضون فإنّ الفصل 4 من قــرار الجلسة العامّة بتاريــخ 15 أفريل 2021 والمتعلّق بإقرار إجراءات استثنائيــة لضمان استمـــرار عمله في ظلّ الجائحة الصحيّة استثنى عددا من أصناف المشاريــــع من واجب الحصول على موافقة خليّة الأزمة بأغلبيّة ثلثي الأعضاء الحاضرين قبل عرضها من قبل مكتب المجلس على الجلسة العامّة والتي من بينها مشاريع القوانين والمسائل الضروريّة لضمان استمراريّــة عمل أجهزة الدّولة وقدرتــها على القيام بمهامّها وهو حال المشروع الماثل فيكون بذلك مشمولا بهذا الاستثناء الوارد بالفصل 4 من قرار الجلسة العامّة المذكور.

وبصفة احتياطيّة تدفع الحكومة المطعن الثاني – استنادا إلى نصّي الفصلين 123 و 124 من النّظام الدّاخلي لمجلس نوّاب الشّعب – بأنّه في ظلّ غياب ظهور عناصر جديدة تهمّ الموضوع وعدم تقدّم كل من جهة المبادرة أو رئيس اللّجنة المعنيّة أو مقرّرها بمطلب قصد مناقشة فصل سبقت مناقشته فإنّ تطبيق آليّة التّصويت على مشروع القانون برمّته يكون وجيها.

وفي ردّهــا للمطعن الثّالث المؤسّــس على مخــالفة أحكــام الفصـل 118 من الدّستور تدفع الحكومة حجج العارضين بالقول إنّه خلافا لما أثاره هؤلاء فإنّ أغلبيّــة الثلاثة أخماس تبقى في كلّ الحــالات أغلبيّــة معزّزة وأنّ شــرط الكفاءة لا يتحدّد بنصاب الاقتراع على المترشّح بقدر ما يرتبط بفحص الترشّحات، بحيث أنّ كلّ مترشّح توفّــرت فيه شروط التّرشّح قــد حاز بالضّرورة شرط الكفــاءة ولا يعدو أن يكون نصاب التّصويت سوى انعكاس لمدى توافق أعضاء مجلس نوّاب الشّعب على المترشّح وليس على كفاءته.

ومن جانب آخر تُرجعُ الحكومة اعتماد التدرّج في الأغلبيّة المطلوبة ضمن المشروع الماثل إلى غياب الحلول في القانون الأساسي عدد 50 لسنة 2015 وهو ما أدّى إلى تعطّل إرساء المحكمة الدّستورية.

وفي دفعها للمطعن الرّابع المؤسّس على مخالفة الفصل 46 من الدّستور تذهب الحكومة إلى أنّ تحقيق التناصف بين المرأة والرّجل في عضويّة المحكمة الدّستوريّة لا يوجد ما يوجبه سواء في نصّ الدّستور في الفصل 46 أو ضمن القانون الأساسي عدد 50-2015 المتعلّق بالمحكمة الدّستوريّة ولا يعدو الأمــر أن يكون سوى سعي لتحقيق ذلك، وتضيف الحكومة في هذا الدّفع إلى أنّ تحقيق التناصف المذكور وتكافؤ الفرص بين المرأة والرّجل في عضويّة هذه المحكمة يبقى مكفولا وممكنا من خلال تقديم الترشّحات والتّعيين.

أمّا بخصوص ما يذهب إليه العارضون ضمن المطعن الخامس المؤسّس على خرق أحكام الفصل 21 من الدّستور بعدم تحقيق المساواة في اختيار أعضاء المحكمة الدّستوريّة، فإنّ الحكـــومة ترفـــض حجج العارضين في هــذا الجانب من الطّعن بقولها إنّ اعتماد أغلبيّة الثلاثة أخماس كحلّ احتياطي في صورة غياب الحلول باعتمــاد أغلبية الثلثيــن لا يمَسُّ من مصداقيـــة المحكمة واستقلاليــتها أو من كفاءة أعضائها واستقلاليتهم ونزاهتهم مثلما أنّه لا يُؤثّرُ في الحظوظ المخوّلة للمترشّحين من حيث الجنس أو الكفاءة أو الاستقلاليّة.

وفي إجابتها عن المطعن الأخير للعارضيــن بخصوص عدم التّنصيـص على عدد مشروع القانون الأساسي تدفع الحكومة بعدم جديّة هذا المطعن وترى بأنّ الأمر يُعتَبرُ من قبيل السّهو ولا يُعَدُّ من قبيل الاخلالات الجوهريّة الشّكلية ويبقى المشروع المطعون فيه محافظا على نفس مراجع تضمينه المعتمدة بالمداولة الأولى.

واعتبارا لما تقدّم في جملة هذه الدّفوعات تطلب الحكومة رفض الطّعن شكلا واحتياطيّا رفضه أصلا.

وإلى جانب هذه الملاحظات المقدّمة من الحكومة في الرّدّ على جملة المطاعن المثارة من قبل العارضين تقدّم عدد من النوّاب بمجلس نوّاب الشّعب بردّ? آخر يعتبرون من خلاله أنّ الفصل 81 من الدّستور في مطّته الرّابعة من فقرته الأولى جاء صريحا ولم يخصّص أيّ آجال للطّعن بعدم الدّستوريّة لمثل صورة الحال، حيث أنّه لا يمكن الجمع في نظرهم بين الحقّ في الطّعن بعدم الدّستوريّة وواجب الختم في نفس المدّة الزّمنية لأنّ ذلك من شأنه أن يثير وضعيّة متناقضة بحكم أنّ آجال الطّعن أطول من آجال الختم فلا يمكن حينئذ اعتماد الفهم الذي تبنّاه العارضون لأنّ تفسير هؤلاء الأخيرين للنّصّ الدّستوري يفضي إلى جواز الطّعن بعد الختم والنّشر وهو تفسير لا يمكن أن يقول به صاحب فهم سليم لهذا النّصّ باستحضاره لمقتضيات الفصل 146 من الدّستور.

ويقدّم النّوّاب القائمون بالرّدّ في وجه آخر من ملاحظاتهم تأويلا لعدم إتاحة الطّعن بعدم الدّستوريّــة في حالــة المصادقة الثّانية دون تعديــل إثر الرّدّ يستنــدون فيه إلى التّمييز بين آلية الطّعن بعدم الدّستورية وآلية الرّدّ ويرون أنّ هذا التمييز يقوم على أساس أنّ الطّعن يتأسّس على إثارة المقتضيات الواردة في نصّ المشروع والتي تخالف الدّستـــور في حين أنّ الــرّدّ هو تقدير رئيس الجمهورية للملاءمــة من عدمها وليس تقدير دستوريّة النصّ من عدمها.

لذلك وتأسيسا على رأيهم المتقدّم في عدم مقبوليّة الطّعن المعروض شكلا يرى هؤلاء النّواب القائمون بالرّدّ أنّ المشروع الماثل أصبح محصّنا من الطّعن ولا يمكن للعارضين الاستفادة من ممارسة رئيس الجمهورية لحقّ الرّد بعد أن فوّتوا فرصة ممارسة حقّ الطّعن إثر المصادقة الأولى، ويعتبرون تبعا لذلك أنّ كلّ فهم يخالف ما انتهوا إليه في هذا الجانب يعدُّ تحايلا على أحكام إجرائية آمرة بحيث أنّ الوضوح البيّن في اختلال الطّعن شكلا يغني عن الخوض في الأصل ويطلبون من الهيئة رفضه على هذا الأساس.

الهيئــــــة

حيث نصّ الفصل 21 من القانون الأساسي عدد 14 لسنة 2014 المؤرّخ في 18 أفريل 2014 المتعلّق بالهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين على أنّه «تتخذ الهيئة قراراتها بالأغلبية المطلقة لأعضائها في أجل عشرة أيّام قابلة للتمديد بقرار معلّل مرّة واحدة لمدّة أسبوع.

تكون قرارات الهيئة معلّلة وتصدر باسم الشّعب وتنشر بالرّائد الرسمي للجمهوريّة التونسيّة في أجل أسبوع من اصدار القرار.

قرارات الهيئة ملزمة لجميع السلط»

وحيث لم تحصل الأغلبية المطلوبة داخل الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين لإصدار قرار بشأن الطعن في دستورية مشروع القانون الأساسي المتعلق بتنقيح القانون الأساسي عدد 50 لسنة 2015 المتعلّق بالمحكمة الدّستورية والمصادق عليه من قبل مجلس نوّاب الشعب بتاريخ 04 ماي 2021 بعد ردّه من قبل رئيس الجمهوريّة لمداولة ثانية،

وبعد المداولة،

قرّرت الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين إحالة مشروع القانون الأساسي المتعلّق بتنقيح القانون الأساسي عدد 50 لسنة 2015 المتعلق بالمحكمة الدستورية -المصادق عليه في مداولة ثانية من قبل مجلس نوّاب الشعب بتاريخ 4 ماي 2021 بعد ردّه من قبل رئيس الجمهورية والوارد على الهيئة بتاريخ 8 ماي 2021- إلى رئيس الجمهورية وذلك لعدم حصول الأغلبية المطلقة لاتخاذ قرار في الغرض طبق ما يقتضيــــه القانـــون الأساسي عدد 14 لسنة 2014 المـــؤرّخ في 18 أفريل 2014 المتعلّق بالهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين.

وصدر هذا القرار عن الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين في جلستها المنعقدة بباردو يوم الإربعاء 2 جوان 2021 برئاسة السيّد الطيّب راشد رئيس الهيئة وعضويّة السّادة عبد السلام المهدي قريصيعة النّائب الأوّل للرئيس ونجيب القطاري النّائب الثاني للرئيس وسامي الجربي عضو الهيئة والسيّدة ليلى الشّيخاوي عضوة الهيئة والسيّد لطفي طرشونة عضو الهيئة.

وحرر في تاريخه.

عدد النص:01
تاريخ النص:2021-06-02
حالة النص:ساري المفعول
عدد الرائد الرسمي:49
تاريخ الرائد الرسمي:2021-06-09

نص تطبيقي لـ:

إعلان هام! إطلاق تصميم جديد لقواعد البيانات القانونية لدى DCAF.

يسرنا أن نُعلن عن إطلاق تصميمنا الجديد لقواعد بياناتنا القانونية كجزء من التزامنا بخدمة مستخدمينا الكرام. يأتي هذا التحديث بتحسينات متعددة، تتضمن واجهة سلسة وسهلة الاستخدام وتحسينات في الوظائف لجعل الوصول إلى المعلومات أمراً سهلاً.

نحن مسرورون لنقدم هذا التحسين الجديد، ونؤكد التزامنا بتقديم أفضل خدمة لكم. نعبر عن شكرنا العميق لثقتكم المستمرة بنا.